أقرت
المجامع الفقهية التأمين التعاوني الإسلامي في عدد من الاجتماعات الفقهية ومنها:
• المؤتمر
العالمي الأول للاقتصاد الإسلامي في مكة المكرمة عام 1976م.
• قرار هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية الرياض عام 1977م.
• فتوى هيئة الرقابة الشرعية- بنك فيصل الإسلامي- السودان.
• مجلس المجمع الفقهي برابطة العالم الإسلامي 1389 هجرية.
• الاجتماع الفقهي الذي عقد في عمان بحضور 37 شخصية إسلامية عالميةً من 16 دولة
إسلامية برعاية شركة البركة والبنك الإسلامي الأردني 1996م.
لماذا ثارت التساؤلات حول مشروعيته؟
التأمين
الصحي، كما هو معلوم، بدأ في الغرب قبل أن يبدأ في الدول العربية والإسلامية بأكثر
من سبعة عقود من الزمن، وبالمثل في بقية أنواع التأمين، بدأ إصدار عقود التأمين في
المجتمعات الغربية وتم نقلها من هناك كما هي، فكانت خاليةً من أية ضوابط شرعية،
ولذلك، فالتحفظات التي نشأت - ولازالت قائمة - لم تكن ناتجة عن عقد التأمين ذاته
وإنما عن الممارسات المصاحبة له بما تحويه من ربا وغبن وضرر وتدليس.
التأصيل الشرعي:
سابقاً
للتأمين بعقود طويلة نجد الإسلام يحث على مبدأ التكافل والتعاون حيث يقول تعالى في
محكم كتابه: (وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان)، كما
امتدح النبي صلى الله عليه وسلم التعاون القائم على مشاركة الجميع في درء الخطر حيث
يقول في الحديث الذي رواه أبو موسى الأشعري: (إن الأشعريين إذا أرملوا في الغزو أو
قل طعام عيالهم بالمدينة جمعوا ما كان عندهم في ثوب واحد ثم اقتسموه بينهم في إناء
واحد بالسوية فهم مني وأنا منهم) أخرجه البخاري، وقد حمل الفقهاء التأمين الصحي
على انه يندرج تحت حكم الجعالة، وهي اسم لما يجعله الإنسان لغيره
و في اصطلاح الفقهاء هي:
(التزام عوض معلوم على عمل معين معلوم أو مجهول)، ومن أدلة مشروعية الجعالة قوله
تعالى (ولمن جاء به حمل بعير و أنا به زعيم)، وحديث أبي سعيد الخدري في الصحيحين
في قصة الرقية على سيد الحي لما لدغته حية وطلب أهل الحي من الصحابة رقية سيدهم
وكانوا استضافوهم قبل فأبوا أن يضيفوهم، فقال أبو سعيد: لا نرقيه حتى تجعلوا لنا
جعلاًً، فجاعلوهم على قطيع من الغنم، فقرأ عليه أبو سعيد سورة الفاتحة فشفي من
ساعته كأنما نشط من عقال، فلما رجعوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعهم
الغنم وأخبروه تبسم وقال: (ما أدراك أنها رقية، أضربوا لي معكم بسهم) وحديث أبي
قتادة في الصحيحين أن النبي صلي الله عليه وسلم قال يوم حنين (من قتل قتيلاً له
عليه بينه فله سلبه) ووجه الاستدلال تعيين الجعل (السلب) وعدم تعيين المجعول (المقتول)
ولا المجعول له (القاتل).
والجعالة
من المعاملات التي كانت موجودة في الجاهلية ولما جاء الإسلام أقرها فصار ذلك
تشريعاً، وعمل بها صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعقد الجعالة يجوز على عمل
مجهول وينعقد مع وجود الجهالة والغرر اليسيرين.
والتأمين
الصحي معاوضة مال بمنفعة قائمة أو محتملة، وهذا من باب العقود على المنافع
المباحة، ووجود الجهالة والغرر اليسيرين لا يبطلانه، وعقود المعاوضات في الشريعة
مبينه على جلب المصالح ودرء المفاسد وغالب مبناها الاجتهاد، بخلاف العبادات فان
مبناها الإتباع والتوقيف.
كما أن
أحكام العاقلة في الشريعة الإسلامية تعتبر نوعاً من التكافل والتعاون بين مجموعة
من الأشخاص لمواجهة التزامات يشق على أحدهم منفرداً تحملها
ولمزيد
من الإيضاح نسوق ما أورده الأستاذ الدكتو محمد جبر الألفي في هذا الشأن